ما الذي يمكن تصديقه في هذا العالم؟ هل يمكن أن يعيش الإنسان في وهم مطلق؟
داخل مسارات ثلاثة تسير الرواية، وتتعرج الأحداث من دون أن تلتزم بخط زمني. إنها لعبة مثيرة وشاقة، تلك التي يلعبها الكاتب هنا، من خلال الدخول في عوالم البطل والشخصيات التي تفلت أحياناً من سيطرته. ربما لا يكون الزمن مهماً هنا، وربما تنذر الهواجس المحيطة بنا بعدم قدرتنا على الإمساك باللحظات. ولكننا في النهاية نصل إلى قناعة بأن كل ما يجري يجعلنا نتمسك بالأشياء الجميلة – القليلة- التي بين أيدينا.
إن الآمال والأحلام وحتى الكوابيس تسيطر على العقل، وتدفع بالإنسان إلى أن يصنع واقعاً عقلياً ونفسياً جديداً وبديلاً عن الواقع الحقيقي. وتنهار عندها المسافة الفاصلة ما بين الوعي بمفردات الحياة، وما بين الهواجس التي تهدد أسس الوجود الفعلي.
في هذه الرواية يؤرخ البطل لحياته البسيطة، فهو لم يصعد إلى القمر ولم يخترع الطائرة، ولكن لديه ما يقوله عن نفسه وعن الذين يتعامل معهم. هناك ما يستحق الحكي، لأن حياة الإنسان هي مجموع تجاربه التي عاشها.
ما بين خسارة الحبيبة والأم والأخت، والعنف الأبوي، ينطلق البطل في رحلة لا يخطط لها. إنه يبحث فقط عن تعويض ما فقده، ولهذا فهو يضطر للاستعانة بعالم بديل متعدد، بدءاً من إقامة علاقة مع أصدقاء ورقيين، وليس انتهاء بعالم الجن. إنه يحمي نفسه من اليأس والانهيار، وهو على بعد خطوات من الاستسلام.

صموئيل صفيان كاتب ومصمم جرافيك ولد في القاهرة عام 1998م.. حاصل على بكالوريوس الفنون التطبيقية من جامعة حلوان قسم الإعلان