البطولة أشكال وألوان، منها ما هو حسّي، ومنها ما هو معنوي، وعندما نقف بين يدي الحسن والحسين رضي الله عنهما، سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن إلا أن نقف بخشوع واحترام، ونحن أمام بطلين عملاقين من عمالقة الإسلام، ظفرا من البطولة بعليائها، ومن السؤدد بواسطة عقده، فنالا منهما قصب السبق، ولم يتركا مقالاً لقائل، ولا مجالاً للمناقشة.

أما الحسن رضي الله عنه فقد أظهر بطولة نادرة، حينما حقن دماء المسلمين، وتنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه طائعاً مختاراً، لتتحقق فيه نبوءة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الحسين رضي الله عنه فقد ضرب المثل الأعلى في التضحية والبطولة، حينما خرج على يزيد، استجابة لأهل العراق، بعد أن بعثوا إليه بما يزيد على مئة ألف كتاب يدعونه للبيعة ويعاهدونه أن لا يخذلوه ولا يسلموه، وكان من الخطأ أن يراهن على قوم خذلوا أباه من قبله...

وهذا الكتاب هو امتداد للسلسلة التاريخية التي بدأها المؤلف "محمد رضا" بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مؤلفه هذا يكتفي بنقل الروايات وإماطة اللثام عن أهم الأحداث التي شكلت علامة بارزة في سيرة الخلافة بالنسبة للحسن والحسين وليس الهدف من تدوين الكتاب هو سرد سيرة وإنما إبراز الحقائق التي اكتنفت هذه السيرة والكشف عن الغموض الذي يعتريها. وهو بكل ما سرد يكتفي بنقل الروايات بعجرها وبجرها، دون أن يعمد إلى نقدها وفحصها وتمحيصها، وتمييز طيبها من خبيثها، وصحيحها من سقيمها.