علم المنطق هو عماد الفلسفة ولبها وعليه تتمحور عملية التفكير الفلسفي وتتحدد أبعادها. كان أرسطو صاحب الفضل الأول في وضع أسس وقواعد المنطق الذي سمي باسمه "المنطق الأرسطوي" وكان هذا المنطق يقدم صورة صادقة عن الفلسفة والعلم اليونانيين. حيث حمل سمات العقلية اليونانية وميزاتها. وقد تمثل العرب مع حركة الترجمة والنقل ذلك العطاء اليوناني المتميز تمثلاً حسناً، حتى تعدوا ذلك إلى مرحلة طبع ذلك التراث اليوناني بطبع العربية ووسمه بميسم المعاني الإسلامية. وقد تجاوز المنطق على أيديهم ما كان قد رسمه له المعلم الأول من أطر برهانية وقياسية وجدلية وقد امتزج المنطق عندهم بأصول الفقه كما بلغ أحياناً في أبحاثه بعض مسائل مناطقة العصر الحديث وتوجهاتهم.

وقد ازدادت أهمية المنطق في وقتنا الحاضر ازدياداً كبيراً، حتى تجاوزت أبحاثه نطاق المنهج لتطال الرياضيات والعلوم. وانطلاقاً من أهمية إبراز المفاهيم المنطقية بهدف ترسيخ الوعي بأثر هذا الحقل في الثقافة العربية والإسلامية باعتباره مكوناً أساسياً من مكونات النظم المعرفية التراثية جاءت موسوعة مصطلحات المنطق عند العرب لسبر معظم المصطلحات وجمعها لتيسير مهمة الباحثين في مجال المنطق الراغبين بالوقوف على المعاني الدقيقة لكل مصطلح ولكيفية استعماله مما يسهم في حفظ الثروة المنطقية ويفتح آفاق البحث لمن يريد الاستزادة. وقد جاء هذا العمل الموسوعي ليغطي فترة زمنية امتدت على مدى ثمانية عشر قرناً غطت أعمال أرسطو المنطقية التي نقلت إلى العربية وأعمال شراحه وتلاميذه مروراً بالمناطقة العرب وشراحهم وصولاً إلى الستوسي والأخضري وقد انتظمت منهجية تحقيق الموسوعة عبر سلسلة من الإجراءات شملت اختيار الموضوعات الرئيسة التي تفي بتعريف المصطلح وبيان أبعاده، مع استبعاد الموضوعات الغامضة التي بدت ثانوية في الكتب والمصادر المنطقية المعتمدة.

وقد تم التركيز على توضيح معاني المصطلحات حتى يستوفى في المصطلح الواحد معظم تفرعاته، ولا سيما تلك المتداخلة معه ضمن حقل دلالي واحد، فبعد أن يوضع المصطلح الرئيس في البداية، توضع فروعه وفقاً لتسلسلها الألفبائي. وجرى ترتيب المصطلحات بحسب اللفظ دون العودة إلى الجذر وقد أرفقت جملة بإشارة إلى اسم الفيلسوف والكتاب مرّمزيْن وإلى رقمي الصفحة والسطر. ويمكن القول إن هذا العمل الموسوعي الضخم يوفر على الباحث وقته وجهده الثمينين ويغنيه عن مراجعة ما يزيد على خمسين كتاباً ومصدراً فقد معظمه من المكتبة العربية.