ظهر هذا الكتاب أول ما ظهر في العام 1986 باللغة الفرنسية تحت عنوان "قراءة جيوسياسية للأزمة اللبنانية". ثم أعيدت صياغة للمرة الأولى في العام 1991 لمناسبة اختياره من قبل دار غاليمار، لنشره تحت عنوان : "لبنان: حروب أوروبا الشرق"، 1840-1992. (وقد جاء اختيار العنوان ، الذي انتقته الدار لنفسها، ليبرز مدى التأثيرات الخارجية على لبنان، كما يظهر طبيعته كدولة حاجزة في خضم الجهود الأوروبية الساعية إلى تفكيك الإمبراطورية العثمانية، وإلى التحكم بمصادر الثروة في المنطقة).

أما الكتاب الحالي فهو صياغة جديدة كل الجد للمؤلف المذكور، حيث تم في هذه الطبعة التخفيف من حجم الكتاب الأصلي، وذلك عبر حذف أجزاء منه، وذلك بعد أن تم إضافة أجزاء أخرى تناولت تطور وقائع التعايش بين الطوائف اللبنانية على مر الحقبات التاريخية، ومن ضمنها حقبة الانتداب الفرنسي. كما تم إيراد وصف تفصيلي دقيق للجهود التي بذلت في عهد الجنرال شهاب (1958-1964) من أجل تجاوز الميثاق الوطني.

كما وتم التأريخ لولادة جمهورية جديدة في لبنان، وإلى وصف كل المشكلات الاقتصادية والمالية التي تعاني منها، والتي سببتها القيادات التي تسلمت زمام السلطة في لبنان منذ العام 1990. و ما يسعى هذا الكتاب لتحقيقه ليس التأريخ وإنما تقديم مادة للتبصر، تساعد في فهم الأحداث المعاصرة التي أدت، منذ القرن الثامن عشر، إلى تمزيقه مرات عديدة، وإلى جعله يخضع لوصاية بلد آخر.