إن الثقافة تعيش أكثر بكثير من منتجيها وحتى من مستهلكيها المباشرين، فمثلاً من كان يحلم بأن تغدو "ألف ليلة وليلة" كتاباً عالمياً، وكتاباً "قومياً" بعد طبعات عند العرب أنفسهم. ولكن الحقيقة أن الماضي لا يعيد نفسه تماماً، ولكن الثقافة العربية باقية، والثابت أنها باقية، لأنها نواة المدار الحضاري العربي-الإسلامي، والباقي منها يمكن استنسابه اليوم من خلال مئات الكتب التي وضعها كتاب عرب بكثافة شديدة من مصر ولبنان وسورية والعراق، وبكثافة أقل في معظم الأقطار العربية الأخرى.

من هنا جاءت فكرة هذه الموسوعة لكتاب القرن العشرين التي نقلب صفحاتها، وذلك حتى يصار إلى استخلاص حجم المساهمة العربية في الثقافة العالمية، وبالأخص: مدى تلبية الإبداع العربي لحاجات العرب أنفسهم.

ومما لا شك فيه هو أن الثقافة العربية الكبرى هي موئل ثقافة وطنية، محلية، فرعية، ملتقى ألوان مدنية أو حضرية، ومصهر إبداعات. من هذا المصهر الإبداعي، وفي هذه الموسوعة محاولة لبيان ما لعرب القرن العشرين من فضل معرفي، وأداء إنساني وتهذيبي وتحضيري لإنسانية عصرنا، وعليه سيكون الشمول في هذه الموسوعة معياراً أولاً للمرآوية، إلا أن خصيصة هذه الثقافة قد تتعرض للمحو في سياق عمل موسوعي كهذا، بحيث لا تكفي (5 صفحات) مثلاً للتعريف العلمي المفصل بكاتب واحد... فكيف سيجري الكلام على حياته ومؤلفاته وخصوصية عمله الأول إبداعياً؟! إلا أن من طبيعة الموسوعات الاختصار مع التكثيف التعبيري، واعتماد الدقة التوصيفية بعيداً عن السيلان الكلامي وتلك سمة من سمات موسوعة أعلام العرب المبدعين.

إلى جانب ذلك فإن من طبيعة الفكر النقدي، حصر المستويات، بحيث يتناسب ترتيب الأعلام ألفبائياً-داخل العصر-مع تنوع التعبير الثقافي. ويلامس معظم الأقطار العربية ذات المستوى الإسهامي المتقارب، فإذا غاب أشخاص أو بلدان... فمرد ذلك إلى مستوى المساهمة أولاً... وإلى الحصر العددي للموسوعة المتراوح بين مئة وخمسين كاتباً ومئتين. وتلك المنهجية هي التي اتبعها المؤلف في هذه الموسوعة في أجزائها الثلاث.