يمثّل هذا الكتاب شهادة على المرحلة التي كان يمرّ بها حقل الدراسات الأسلوبية عند رواده بين أهله، فهو بسياقه المعرفي المخصوص وليد البيئة الأوروبية التي احتضنت مولد اللسانيات قبل أن يشيع أمرها بين الأطراف الإنسانية الأخرى.

وهو كفيل أيضاً بأن يقدم شهادة على مرحلة المخاض العربي حين كان جمعٌ من الباحثين يعملون فُرادى، كل في مجاله، وكل في موقعه، لم يكن بعضهم يعرف بعضاً، ولكنهم كانوا يعملون على تحديث أدائهم لابتكار آليات منهجية تخرج بالفكر العربي من مرحلة تاريخية إلى أخرى.

ثم إن هذا الكتاب شاهد على تعقُّد العلاقة بين حقول المعرفة المتخصصة في مؤسساتنا العربية، فلقد تشكّل مضمونه ومنهجه لدينا على أساس أنه صورة للأسئلة التي تساور الباحث في اللغة عند مباشرة الظاهرة الأدبية، ولم يكن أبداً بطاقة انخراط في مؤسسة النقد الأدبي.

إن الأمل يحدوني بأن يكون هذا الكتاب إضافة جديدة للقارئ في مشرق العالم العربي، لا سيما أن كثيراً من النصوص في العلوم الإنسانية والاجتماعية لا تصل إلى أقطار العالم العربي.