"كتاب الأم" هو موسوعة إسلامية فقهية، ثمل جماع مذهب الإمام الشافعي وأحكامه النهائية، وضعه الشافعي في مصر إملاءً، بعد أن استراح من السفر واستقر في مصر، ولم يغادرها. فالكتاب يمثل خلاصة أفكاره التي نضجت واستقرت، فكأنه قراءة جديدة وضرورية لجملة الآراء التي اعتنقها في مكة وبغداد، ورأى بحكم التجربة والتأمل الطويلين ضرورة تعبير وإسقاط الكثير منها.

فالكتاب بهذا المعنى يمثل ما استقر عليه الشافعي في فقهه واجتهاده في مسائل الشريعة. جمع فيه الكتب والرسائل التي وضعها أثناء تجواله الطويل، وقبل استقراره بمصر، ثم أملى ذلك كله على تلميذ الربيع بن سليمان. وتوحي التسمية "الأم"، بأن الكتاب يجمع ما انتهى إليه فقه الشافعي. وإن كل طالب فقه وعلم وتفسير.. يعود غليه فيجده عنده الأم التي تعين أبناءها في فهم أمور دينهم، والعقائد، والعبادات، والمعاملات والحدود... وترشدهم إلى طريق الخير والصواب.

استفاد الشافعي من منهج أبي حنيفة في ترتيب أبواب الأم، فأبو حنيفة يبدأ بالطهارة وكذلك الشافعي في الأم. وتلي الطهارة أبواب الصلاة عند أبي حنيفة والشافعي لأن المسلم أول ما يطالب به الصلاة، التي هي أخص العبادات والفرق بين المسلم والكافر ترك الصلاة، ولا صلاة بدون طهور، لذا كانت الطهارة الممهد والمدخل إلى الصلاة.

يتألف كتاب الأم من أبواب يسمى كل باب كتاباً: كتاب الطهارة، كتاب الصلاة: الصلوات الخمس، صلاة الجمع صلاة العيدين، صلاة الكسوف، صلاة الخوف، صلاة الاستسقاء صلاة الجنائز، كتاب الأذان، كتاب الزكاة... وهكذا، وأجمع المؤرخون أن كتاب الأم هو من رواية الربيع بن سليمان المرادي وسماعه، وهو عالم جليل، صدوق، وثقة.